ألقى وزیر خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة الدکتور عباس عراقجی، خطابا فی اجتماع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حول «الوضع فی الشرق الأوسط» نیویورک، 27 سبتمبر 2024. وفی ما یلی نص الخطاب: بسم الله الرحمن الرحیم السیدة الرئیسة، أشکر انعقاد هذا الاجتماع الطارئ لبحث الاعتداءات الجاریة من قبل الکیان الإسرائیلی على لبنان. کما نرحب بحضور السید رئیس الوزراء نجیب عزمی میقاتی، ونعرب عن تضامن الشعب الإیرانی الکامل ودعمه للبنان فی دفاعه البطولی ضد اعتداءات وجرائم الکیان الإرهابی الإسرائیلی. السیدة الرئیسة، أعضاء المجلس المحترمین، إن مستوى التوتر فی المنطقة مرتفع للغایة، وإذا لم یتم احتواؤه، فإن کارثة شاملة وغیر مسبوقة ستکون حتمیة. یستمر الکیان الإسرائیلی العنصری فی جرائمه فی فلسطین المحتلة، وها هو الآن یشن حرباً عدوانیة وغیر عادلة على لبنان، مستهدفاً الأبریاء عبر الحدود وفی عمق الأراضی اللبنانیة. هذا العدوان الذی أودى بحیاة الآلاف من الأبریاء، بما فی ذلک النساء والأطفال، لیس مجرد نتیجة مأساویة لحرب مفروضة؛ بل هو تکتیک محسوب من قبل الکیان الإسرائیلی لإرهاب السکان وإجبارهم على مغادرة أراضیهم. علاوة على ذلک، فإن استهداف المدنیین فی لبنان بشکل متعمد وعشوائی، من خلال تفجیر أجهزة الاتصال البیجر التی یستخدمها المدنیون العادیون، یشکل جرس إنذار للمجتمع الدولی بأسره. هذا هو أوضح تجسید لتحویل وسائل الاتصال المدنیة إلى أسلحة. یجب أن یدین الجمیع هذه النسخة الجدیدة من الإرهاب بحزم. إذا لم یحدث ذلک، فسوف یتم إنشاء وتیرة خطیرة للغایة یمکن أن تتکرر بسهولة من قبل مجموعات أو کیانات إرهابیة أخرى غیر الکیان الإسرائیلی. من العار أن الولایات المتحدة لم تسمح لمجلس الأمن بإصدار حتى بیان صحفی بسیط لإدانة هذا العمل الإرهابی الجماعی، کما منعت فی مرات عدیدة اتخاذ أی إجراء حقیقی لوقف الإبادة الجماعیة فی غزة. السیدة الرئیسة، لا یمکن فصل العدوان الإسرائیلی على لبنان عن الوضع العام فی المنطقة. فهذا الکیان الإرهابی لا یعترف بالقانون الإنسانی الدولی أو مبدأ الکرامة الإنسانیة. من الاحتلال الطویل للأراضی الفلسطینیة، إلى حرب الإبادة الجماعیة المستمرة ضد سکان غزة، إلى العدوان غیر المبرر على سوریا ولبنان، والهجمات الإرهابیة على البعثات الدبلوماسیة للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، واغتیال زعیم سیاسی من حرکة حماس فی طهران، کلها أمثلة على الطبیعة الحقیقیة لهذا الکیان ککیان إرهابی لا یعیر اهتماماً للسلام أو حقوق الإنسان. هذا الکیان لا یسعى إلى السلام ولا ینوی الموافقة على وقف إطلاق النار. هدفه الحقیقی هو جر المنطقة بأکملها إلى حرب شاملة. للأسف، الدعم غیر المشروط من الولایات المتحدة وبریطانیا منح الکیان الإسرائیلی الضوء الأخضر لتنفیذ کل أفعاله الشریرة. استمرار العدوان على لبنان هو نتیجة لعجز المجتمع الدولی، وخاصة مجلس الأمن، عن محاسبة الکیان الإسرائیلی على جرائمه فی غزة. ففشل الولایات المتحدة فی کبح جماح هذا الکیان، إلى جانب توفیر المعدات العسکریة والدعم السیاسی، جعل إسرائیل تتجرأ على ارتکاب هذه الفظائع دون عقاب. السیدة الرئیسة، أعضاء المجلس المحترمین، علینا جمیعاً أن نعمل معاً کی لا تُقبل الشرور والفظائع کأمر واقع. یجب على جمیع الدول أن تحث مجلس الأمن على القیام بواجباته وفقاً لمیثاق الأمم المتحدة. یجب على قادة الکیان الإسرائیلی الفاسدین والمجرمین أن یدرکوا أن ممارساتهم لن تمر دون رد. السیدة الرئیسة، المنطقة على وشک اندلاع صراع أوسع نطاقاً بسبب الجرائم البشعة التی ارتکبها هذا الکیان ضد شعوب المنطقة. والآن، أصبح الکیان الإسرائیلی یشکل تهدیداً خطیراً على السلام والأمن الدولیین أکثر من أی وقت مضى. هذا الکیان لا یستحق عضویة الأمم المتحدة. ممثله فی الأمم المتحدة یجرؤ علناً وبوقاحة على تمزیق میثاق الأمم المتحدة أمام أعین المجتمع الدولی. السبیل الوحید لمنع التصعید واضح: یجب على الکیان الإسرائیلی أن یوقف فوراً حربه على غزة، وأن تنتهی هجماته على لبنان. السیدة الرئیسة، أسمحوا لی أن أکون واضحاً: بدون وقف إطلاق النار فی غزة، لن یکون هناک ضمان للسلام فی المنطقة. لا یمکن للمجتمع الدولی أن یظل صامتاً. نطالب هذا المجلس بالرد العاجل والحاسم. مجلس الأمن، الذی یتحمل المسؤولیة القانونیة عن حفظ السلام والأمن الدولیین، یجب أن یتحمل مسؤولیته ویرد بقوة على العدوان الإرهابی للکیان الإسرائیلی فی لبنان. إذا لم یحدث ذلک، فإن المنطقة ستنزلق إلى صراع شامل. وعلى داعمی الکیان الإسرائیلی، وخاصة الولایات المتحدة وبریطانیا، أن یتحملوا المسؤولیة القانونیة والأخلاقیة قبل فوات الأوان. ینبغی ألا تمر الجرائم والإبادة الجماعیة التی ارتکبها الکیان الإسرائیلی المحتل العنصری دون عقاب، لأن هذه الحصانة هی التی جعلت الکیان یتجرأ ویواصل نمط جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانیة والإبادة الجماعیة. العالم یراقب، والتاریخ سیحکم على هذا المجلس بناءً على ما یفعله أو لا یفعله الیوم. شکراً لکم.