أصدر وزیر الخارجیة حسین أمیرعبداللهیان، الإثنین، بیاناً بمناسبة "الیوم الوطنی للخلیج الفارسی".
وفی ما یلی نص البیان:
بسم الله الرحمن الرحیم
"الیوم الوطنی للخلیج الفارسی"
أود أن أعرب عن سعادتی للاحتفال بالیوم الوطنی للخلیج الفارسی. إن الاحتفال بهذا الیوم المهم هو فی الواقع یعتبر تکریماً للهویة الوطنیة للإیرانیین، لذا أهنئ الحضور الکریم وجمیع الإیرانیین بهذا الیوم العظیم.
الخلیج الفارسی هو اسم خالد وتراث عالمی. یعد العاشر من اردیبهشت فی تاریخ إیران یوماً یذکر بتضحیات الأشخاص الشجعان الذین وضعوا بنضالهم نهایة الاحتلال والاستعمار البرتغالی على الساحل الجنوبی بعد سنوات عدیدة.
یعد الخلیج الفارسی منطقة اتصال فریدة بین أوروبا وإفریقیا وجنوب آسیا والجنوب الشرقی، ومن الناحیة الاستراتیجیة فهو جزء من نظام اتصالات عالمی مهم یشمل المحیط الأطلسی والبحر المتوسط والبحر الأحمر والمحیط الهندی. إن أهمیة الخلیج الفارسی من الناحیة التاریخیة والحضاریة والجغرافیة والثقافیة ومختلف الجوانب الاقتصادیة والسیاسیة والنقل والطاقة والجیوسیاسیة لا تحتاج إلى شرح وتکرار. ولهذا السبب فإن أهمیة هذه البقعة المائیة کبیرة جدا حول العالم.
إن الأمن، فی رؤیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة واعتقادها، عنصر معقد ومتنامی ومتعدد الأبعاد ومترابط، ولن یتحقق إلا من خلال التعاون الجماعی ومن خلال تعزیز الروابط وإنشاء آلیات سیاسیة واقتصادیة واجتماعیة. وفی هذا الصدد، نعتقد أنه لا یمکن ضمان أمن الخلیج الفارسی إلا بمشارکة جمیع الدول الساحلیة، وفی هذا المسار، لیس مقبولا استثناء وتجاهل أی دولة، وکانت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة دائمًا رائدة فی تقدیم المقترحات والمبادرات فی هذه المجالات.
وبالنظر إلى القیم والروابط المشترکة مع شعوب المنطقة، فإن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة کانت دائما على استعداد للتعاون وتقدیم قدراتها ومزایاها فی طریق التنمیة المستدامة للخلیج الفارسی فی جمیع المجالات بدءا من الظواهر البیئیة والسیاحة وصولا إلى الأمن العسکری والعلاقات الاقتصادیة. وأود أن أؤکد من جدید أن بلادنا، التی تتمتع بقدرات کبیرة طبیعیة، وتحرز تقدما کبیرا فی مختلف المجالات، مستعدة لوضع هذه الإنجازات فی خدمة السلام والاستقرار والتنمیة والتقدم فی المنطقة والقیم المشترکة القدیمة.
وعلى الرغم من أن اسم الخلیج الفارسی یرتبط بإیران والإیرانیین، إلا أنه فی الوقت نفسه یضم الخلیج الفارسی جیران أبدیین وموطن لجمیع الشعوب المحیطة به. لذلک، وتماشیاً مع السیاسة الخارجیة المتوازنة والدبلوماسیة الدینامیکیة والتفاعل الذکی، وضعت الحکومة الثالثة عشرة نصب أعینها المبادئ الثلاثة، العزة والحکمة والمنفعة، وإعادة تعریف وإعادة تنظیم العلاقات مع الجیران ولیس بالشعارات بل فی الممارسة العملیة، وأظهرت أنها تسعى بجدیة إلى تحویل الخلیج الفارسی إلى مرکز لسیاسة الجوار والسلام والاستقرار فی المنطقة من خلال التفاعل والحوار بین ضفتی هذه البقعة المائیة.
الحضور الکریم؛ من السمات المهمة التی تعتبر الصفة الممیزة للخلیج الفارسی الیوم هی معنویات النضال لدى سکان الساحل الشجعان الذین لا یقبلون الاحتلال ووجود الأجانب. معظم الاضطرابات فی الخلیج الفارسی ترجع إلى تدخل ووجود القوى الأجنبیة فی المنطقة، التی لدیها فهم سطحی، وفهم زائف ونفعی لتطورات هذه المنطقة. إن التدخل ولعب الأدوار من قبل دول من خارج المنطقة لم یجلب الاستقرار والأمن لشعب هذه الدیار فحسب، بل قاد أیضًا طریق التعاون السلمی إلى المواجهة والتباعد.
وبینما تتطلع أمریکا والغرب إلى بیع المزید والمزید من الأسلحة المتنوعة لدول المنطقة، سعت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة إلى ربط جنوب هذه المنطقة التاریخیة بآسیا الوسطى والقوقاز والبحر الأسود بالاعتماد على النفس والعقلانیة السیاسیة والسلوک المسؤول والعلاقات الودیة لتراعی مصالح کافة شعوب المنطقة. إن إیران، باعتبارها لاعباً عظیماً وقویاً، تعتمد على قدراتها الضخمة وإیمانها بالإمکانات الکامنة فی الخلیج الفارسی وما تملکه الدول فی هذه المنطقة، وهی واثقة تماماً من أنها ستساعد فی تقدم وتمیز الدول الإسلامیة فی المنطقة. ودعونا لا ننسى أننا عشنا معا منذ قرون بکل الفوارق والاختلافات الثقافیة واللغویة والعرقیة والدینیة والفکریة، وبالتأکید یجب أن نترک مصیرا مشترکا بالتعایش السلمی والتضامن الاجتماعی للأجیال القادمة.
والآن، ومن خلال فهم ومطالعة هذه التجربة، تعتزم الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة اقتراح نموذج إقلیمی لاستقرار وأمن منطقة غرب آسیا الاستراتیجیة بالتشاور والتعاون مع جیرانها. وفی هذا الصدد، فإن وزارة خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على استعداد لإثراء النهج المفاهیمی المنشود من خلال جمع الآراء البناءة من مراکز الدراسات والمفکرین المعروفین من دول المنطقة.
والیوم، اذ نحن نحیی الاسم الخالد للخلیج الفارسی، تجری حولنا تطورات مهمة، خاصة فی بلاد الشام التی لها ارتباط تاریخی بالخلیج الفارسی. ومن المؤکد أن الدفاع عن فلسطین والحد من إثارة الکیان الصهیونی الحروب، سیکون لها آثار إیجابیة فی منطقة الخلیج الفارسی المهمة والحساسة.
وبصفتی وزیر خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، آمل أن یظل الخلیج الفارسی دائمًا بیئة آمنة ومستقرة ومزدهرة لتحقیق السلام لشعوب شماله وجنوبه.
وأعتقد أن هذا المؤتمر سیحقق أهدافه السامیة بمشارکة فاعلة ومشارکة کافة الخبراء والمفکرین وتقدیم مناقشات عقلانیة وتبادل شامل لوجهات النظر، مما یعزز المصالح الوطنیة والهویة الثقافیة والتاریخیة لإیران وحمایتها.
وفی الختام، أود أن أشکر جمیع القائمین على هذه المراسم، وخاصة الباحثین والأساتذة العظام الذین بذلوا قصارى جهدهم لإحیاء هذا الیوم العظیم.
حسین أمیرعبداللهیان
وزیر الخارجیة