ألقى وزیر الخارجیة الدکتور حسین أمیر عبداللهیان، الیوم الأربعاء، کلمة فی اجتماع وزراء خارجیة دول جوار أفغانستان فی طهران.وفی ما یلی نص الکلمة باسمه تعالینص کلمة معالی وزیر الخارجیةفی اجتماع وزراء خارجیة دول جوار أفغانستان فی طهران27 اکتوبر 2021 بسم الله الرحمن الرحیمأرحب بحضور وزراء خارجیة وکبار ممثلی دول جوار أفغانستان فی طهران، وآمل أن یحقق هذا الاجتماع إرادة جمیع الدول المشارکة فی القیام بدور بناء لصالح الشعب الأفغانی والمنطقة. هذا الاجتماع هو الثانی من المبادرة التی بدأها أشقاؤنا الأعزاء فی باکستان وعقدوا اجتماعها الأول بشکل افتراضی. حیث انعکست نوایا وإرادة الدول بشکل جید فی بیان ذلک الاجتماع، وآمل أن نتمکن فی طهران من رسم صورة أوضح لواقع أفغانستان وتوقعات دول الجوار الأکثر تضرراً بالتطورات فی ذلک البلد، ورسم خارطة طریق للخطوات التالیة. الزملاء الاعزاء؛إن الأزمة التی تقلقنا جمیعا الیوم هی ارث التدخلات الخاطئة للقوى المتغطرسة فی منطقتنا. فقبل عشرین عاما، غزت أمریکا أفغانستان بذریعة محاربة الإرهاب، واستمرار وجودها العسکری أدى الى أعادة إنتاج عدم الاستقرار والحرب وانعدام الأمن فی ذلک البلد. فقد هربت واشنطن بشکل محرج وغیر مسؤول من المشهد، من دون النهوض بأفغانستان وشعبها وتمکینهم، وتسببت بوضع نواجهه جمیعنا الیوم. الأصدقاء الأعزاء؛ إن دول جوار أفغانستان، التی تربطها بهذه الجغرافیا وشعبها بطریقة وشکل ما، تدرک جیدا أهمیة عدم وجود اجماع داخل أفغانستان والمنطقة المحیطة والنظام الدولی کأحد الجذور الرئیسیة للأزمة المستمرة فی ذلک بلد. فی أفغانستان، نواجه وضعا بعید کل البعد عن مختلف القومیات والجماعات حتى یصل إلى نقطة مقبولة لجمیع الأفغان. على صعید النظام الدولی، نشهد مقاربات مختلفة ومتضاربة لا تناسب أفغانستان والمنطقة. لذلک، نرى المزید من الاختلاف والتضارب أکثر من الاجماع على المستویین الأفغانی والدولی. وفی المقابل، کان نهج البلدان المجاورة، نتیجة لفهمها العمیق للوضع فی أفغانستان، بناءً ومتناسقا وتطلعیًا إلى حد کبیر، وهناک إجماع نسبی حول القضایا الرئیسیة، وجهودنا فی هذا الاجتماع یجب أن ترکز على تعزیز الإجماع والتنسیق. یمکن لدول جوار أفغانستان فی حال الحفاظ على الاجماع وتقویته أن تلعب دورا بناء فی ایجاد تنسیق بین المجموعات السیاسی والقومیة داخل أفغانستان وعلى مستوى النظام الدولی، والمساعدة فی إدارة الأزمة فی هذا البلد. اذ ان أحد جداول أعمال اجتماع طهران تحقیق هذه القضیة. ومما لا شک فیه أن إضعاف هذا الاجماع أو زعزعته لن یؤدی إلا إلى استمرار الاضطرابات واستمرار هذه الأزمة القدیمة التی ابتلی بها شعب أفغانستان ودول المنطقة لأکثر من أربعة عقود. دراسة تاریخ أفغانستان والحیاة السیاسیة لشعب هذا البلد تؤید على هذه الحقیقة التاریخیة بأن أفغانستان هی أرض التفاعل والتعاون بین مختلف القومیات، ومتى تم تجاهل هذا التفاعل والتعاون، بات السلام والاستقرار والهدوء مهدداً فی أفغانستان. تُظهر التجربة التاریخیة أنه لا توجد آلیة فی أفغانستان یمکن أن تکون مستدامة فی أفغانستان دون مراعاة الاعتبارات الاجتماعیة والقومیة وتفاصیلها. هذه التجربة ضرورة، اذ سیضمن الاهتمام بها الاستقرار السیاسی والاستمراریة، وتجاهلها سیکون مقدمة لبدء صراعات داخلیة فی أفغانستان. لیس هناک شک فی أن عودة أفغانستان إلى جولة جدیدة من الحرب الداخلیة لیس فی مصلحة أی من جیرانها. عدم التنمیة الاقتصادیة والاجتماعیة فی أفغانستان. الفقر الاقتصادی وانخفاض دخل الفرد ومعدلات الأمیة المرتفعة ونقص المهارات الوظیفیة ستکون من الحالات التی ستجعل الأشخاص مستعدین للانضمام إلى الجماعات الإجرامیة والإرهابیة. وهذا الأمر إلى جانب ضعف السیادة القادرة على توفیر الأمن فی ذلک البلد، هی أحد أهم الأسباب التی دفعت الجماعات الإرهابیة المختلفة إلى التواجد وتطویر خلایاها العملیاتیة فی أفغانستان. شهدنا فی الأشهر الأخیرة اتساعًا فی أنشطة الجماعات الإرهابیة، وخاصة داعش فی أفغانستان. الهجمات الإرهابیة الوحشیة التی یشنها هذا التنظیم على المجتمعات الدینیة، بما فی ذلک الهجمات على مساجد المسلمین خاصة فی قندوز وقندهار، هی أمثلة على الأعمال التی تؤذی الشعب الأفغانی والرأی العام العالمیباسم الإسلام وبعباءة مختلفة. اتضح فی الأسابیع الأخیرة لنا جمیعًا أن هذا التنظیم اکتسب جغرافیا وقدرات عملیاتیة فی أفغانستان، ولم تتمکن طالبان من منع عملیات هذا التنظیم فی مختلف المدن . لن یکون لعدم التنمیة المستمرة فی أفغانستان أی عواقب على الدول المجاورة ومنطقة جنوب ووسط آسیا بأکملها سوى التعبئة المستمرة للجماعات الإرهابیة والإجرامیة من شعب أفغانستان وما یترتب على ذلک من انتشار الإرهاب والجریمة فی هذا البلد.
الزملاء الاعزاء إن أحد أهداف عقد هذا الاجتماع فی ظل الوضع الراهن هو مراجعة الهواجس القائمة بشأن الوضع فی أفغانستان والتشاور مع الأصدقاء فی المنطقة حول سبل الخروج من الوضع الهش الحالی. وفی هذا الصدد، أتقدم نیابة عن الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة ببعض المقترحات، وآمل أن یکون هذا الاجتماع منصة لتخطی الخطابات السیاسیة البحتة إلى منصة لمناقشة الحلول العملیة للتعاون الشامل بین الجیران لتخفیف معاناة الشعب ومنع التهدیدات القادمة من أفغانستان: أولاً، لقد تغیر الوضع وتوازن القوى فی أفغانستان ، لکن هذا التغییر سیستقر وسیستمر عندما تفهم الاحتیاجات الاجتماعیة لأفغانستان والتصرف وفقا لها. وبناءً على ذلک، تؤکد الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة على ضرورة تشکیل حکومة شاملة بمشارکة مشارکة فاعلة ومستمرة لجمیع القومیات والمذاهب فی أفغانستان من خلال دعم الحوار بین الأفغان ودون تدخل جهات أجنبیة. من المتوقع أن تستخدم الدول المجاورة کل نفوذها على قادة طالبان والأطراف الأفغانیة الأخرى لتشجیع وتسهیل تقبل الآخر والمشارکة الجماعیة فی تشکیل الحکومة. ثانیاً، لطالبان، بصفتها التیار الحاکم فی أفغانستان، دور لا یمکن إنکاره فی توفیر الأمن ومکافحة الإرهاب، واحترام حقوق مختلف المجموعات، بما فی ذلک النساء ، وتوفیر المستلزمات المعیشیة للمواطنین الأفغان، وإنهاء هضم حقوق الأقلیات العرقیة والدینیة. والقضاء على التهجیر واللجوء ومراعاة المبادئ الأساسیة والمقبولة للقانون الدولی والتی یجب أن یعتنی بها. ثالثاً، من الضروری أن تتخذ طالبان مقاربة ودیة مع جیرانها وأن تتخذ الخطوات اللازمة لضمان ألا یوجد ای تهدید من أفغانستان ضد دول الجوار. رابعاً، شعب أفغانستان فی حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانیة، بما فی ذلک الغذاء والدواء واللقاحات لمکافحة کوفید 19. هناک حاجة إلى آلیة متماسکة نظرا إلى أن توزیع المساعدات یجب أن یتم بطریقة یمکن للناس الاستفادة منها بطریقة عادلة. ونظرا لضیق الوقت وإلحاح المبادرة، تقترح الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة تفعیل "برنامج منظمة التعاون الاقتصادی لدعم أفغانستان". خامساً، لمکافحة الجریمة المنظمة والأعمال الإرهابیة التی مصدرها أفغانستان، یقترح أن تکون آلیة التعاون الأمنی والاستخباراتی بین دول المنطقة أکثر جدیة وعلى فترات أقصر لتبادل المعلومات والتنسیق مع دول المنطقة بما فی ذلک جیران أفغانستان. سادساً، نظرا لشمولیة مظلة الأمم المتحدة، فإن اقتراح الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة الطلب من الأمین العام للأمم المتحدة بذل جهود حمیدة، وإذا لزم الأمر، التوسط بین الأطراف الأفغانیة للتوصل إلى اتفاق بشأن الهیکل السیاسی المستقبلی فی ذلک البلد. مرة أخرى، أرحب بوجود معالی وزراء الخارجیة والممثلین الخاصین للدول المجاورة لأفغانستان فی طهران، وآمل أن نتمکن من اتخاذ خطوات فعالة لمساعدة أفغانستان والتخفیف من معاناة الشعب المضطهد فی ذلک البلد. شکرا لکم