الخارجیة تنشر تقریرا عن الأبعاد القانونیة لجرائم الکیان الصهیونی فی الهجمات الأخیرة على قطاع غزة والأراضی المحتلة الأخرى
نشرت وزارة الخارجیة، تقریرا عن الأبعاد القانونیة لجرائم الکیان الصهیونی فی الهجمات الأخیرة على قطاع غزة والأراضی المحتلة الأخرى.
نشرت وزارة الخارجیة، تقریرا عن الأبعاد القانونیة لجرائم الکیان الصهیونی فی الهجمات الأخیرة على قطاع غزة والأراضی المحتلة الأخرى.
وفی ما یلی نص التقریر:
بسم الله الرحمن الرحیم
تقریر عن الأبعاد القانونیة لجرائم الکیان الصهیونی فی الهجمات الأخیرة على قطاع غزة والأراضی المحتلة الأخرى
مقدمة:
ارتکب الکیان الصهیونی خلال الهجمات الأخیرة على قطاع غزة والأراضی المحتلة الأخرى، جرائم غیر مسبوقة خلال 75 عاما من احتلاله. حیث تعتبر الهجمات العشوائیة والمتعمدة ضد المدنیین، وخاصة النساء والأطفال، واستهداف الصحفیین وفرق الإغاثة وغیرهم من الأشخاص المحمیین، والبنیة التحتیة المدنیة بما فی ذلک المستشفیات والمساجد والکنائس والمدارس ومخیمات اللاجئین والمراکز التابعة للأمم المتحدة وغیرها من المنظمات الدولیة والأماکن السکنیة وسیارات الإسعاف، جزءا من هذه الجرائم.
بالإضافة إلى ذلک، تحاصر القوات العسکریة التابعة للکیان الصهیونی قطاع غزة بشکل کامل ولا تسمح بدخول المیاه والغذاء والوقود والکهرباء والمواد الطبیة. وتشکل هذه الممارسات انتهاکا واضحا للقانون الدولی والقانون الإنسانی الدولی وحقوق الإنسان.
لا شک فی أن أحد دوافع ارتکاب هذه الجرائم على نطاق واسع من قبل کیان الاحتلال هو عدم محاسبة المخططین والمرتکبین للجرائم المرتکبة. وظل کیان الاحتلال یرتکب باستمرار أبشع الجرائم الدولیة بسبب شعوره بالحصانة تجاه تقاعس المجتمع الدولی.
وفی هذا الصدد، یتم عرض النقاط والوثائق التالیة: 1- الانتهاک المستمر لحق الشعب الفلسطینی فی تقریر مصیره
تؤکد المادة الأولى من میثاق الأمم المتحدة على حق الشعوب فی تقریر مصیرها. یرفض الکیان الصهیونی منذ قیامه تنفیذ قرارات الأمم المتحدة، وخاصة قرارات مجلس الأمن والجمعیة العامة المتعلقة بحقوق الفلسطینیین. لقد انتهک الکیان الصهیونی بشکل صارخ حق تقریر مصیر الشعب الفلسطینی من خلال احتلاله للأراضی بشکل غیر قانونی، وضمها، ونقل مستوطنیه إلى الأراضی المحتلة، ونهب الموارد الطبیعیة لفلسطین، وحال دون تحقیق أهداف القضیة الفلسطینیة. إن انتهاک حق تقریر المصیر ونهب الموارد الطبیعیة للأراضی المحتلة یسبب مسؤولیة دولیة وکذلک مسؤولیة جنائیة.
ونتیجة لذلک، فإن دعم الدول الأخرى للشعوب الواقعة تحت الاستعمار والاحتلال یعتبر مشروعا. ومن جهة أخرى، فإن مساعدة حکومة الاحتلال تُعرف بأنها انتهاک لحق تقریر المصیر.
یذکر أن الجمعیة العامة للأمم المتحدة فی 14 دیسمبر 1990، صرحت بحق الشعب الفلسطینی فی تقریر مصیره، وأکدت على "شرعیة نضال الشعب من أجل الاستقلال، وسلامة أراضیه، ووحدته الوطنیة، والتحرر من الحکم الاستعماری والفصل العنصری، والاحتلال الأجنبی بکل الوسائل المتاحة، بما فی ذلک الکفاح المسلح". وبالإضافة إلى ذلک، وافقت الجمعیة العامة بالاجماع على استخدام القوة فی جمیع الحالات التی یُنکر فیها حق تقریر المصیر بالقوة.
ومن هذا المنطلق فإن العمل المسلح الذی قامت به قوى المقاومة الفلسطینیة ضد کیان الاحتلال فی أکتوبر 2023 وما قبله هو عمل مشروع فی إطار حق تقریر المصیر للشعب الذی یعیش على مدى 75 عاماً، فی ظل أشد الظروف الصعبة الناجمة عن الاحتلال والحصار الاقتصادی وتوسیع المستوطنات غیر الشرعیة فی الأراضی المحتلة. 2- التزام الحکومات بعدم التعرف على الأوضاع الناجمة عن الاحتلال
ووفقاً لقواعد القانون الدولی العرفی، تلتزم الحکومات بعدم الاعتراف بالحالات الناجمة عن انتهاک قواعد القانون الدولی الإلزامیة، بما فی ذلک الاستیلاء على الأراضی بالقوة. وبناءً على ذلک، فإن على الحکومات الالتزام بالامتناع عن تقدیم أی مساعدة مادیة ومعنویة لکیان الاحتلال وتجنب اتخاذ أی إجراء من شأنه تثبیت حالة الاحتلال غیر القانونیة وغیر الشرعیة.
لا شک أن الحکومات التی تساعد وتشجع وتحرض کیان الاحتلال على مواصلة وترسیخ انتهاکاته الجسیمة للقوانین الدولیة والقوانین الإنسانیة الدولیة وحقوق الإنسان تعتبر شریکة له وعلیها المسؤولیة الدولیة.
3- ضرورة احترام القانون الدولی الإنسانی فی غزة
تلتزم الحکومات باحترام القانون الإنسانی الدولی ومنع انتهاکه. وتنص المادة الأولى من اتفاقیات جنیف على أن "تتعهد الدول الأعضاء فی الاتفاقیة بالامتثال للأحکام الواردة فی هذه الاتفاقیة تحت أی ظرف من الظروف وبضمان الامتثال لها". وعلیه، فإن أقل التزام على الحکومات هو عدم المشارکة فی انتهاک القانون الإنسانی الدولی. وحتى فی ظل هذه الظروف، یمکن اعتبار معارضة وقف إطلاق النار انتهاکًا للقانون الإنسانی الدولی.
إن الامتثال للقانون الدولی الإنسانی إلزامی للجمیع فی جمیع الحالات. وفقا للفقرة 4 من المادة 1 من البروتوکول الإضافی الأول لاتفاقیات جنیف الرباعیة لعام 1949، فإن البروتوکول المذکور والاتفاقیات الرباعیة، بالإضافة إلى حالة النزاعات المسلحة الدولیة بین البلدین (المادة 2 المشترکة)، "یشمل الصراعات المسلحة التی تقوم فیها الشعوب بالنضال ضد الحکم الاستعماری والاحتلال الأجنبی وضد الأنظمة العنصریة وذلک من أجل تحقیق الحق فی تقریر المصیر."
إن الحالات الناجمة عن انتهاک القانون الإنسانی الدولی مهمة للغایة بالنسبة للمجتمع الدولی فی العصر الحالی لدرجة أن محکمة العدل الدولیة أعلنت فی نظرها التشاوری "الآثار القانونیة لبناء جدار عازل فی الأراضی المحتلة" (2004) أن عددًا کبیرًا من هذه القواعد قد وصل إلى مستوى القواعد الإلزامیة. ولا شک أن مراعاة مبدأ الفصل وعدم استهداف المدنیین من القواعد التی لا یجوز انتهاکها تحت أی ظرف من الظروف. ومن الناحیة القانونیة، فإن الاستهداف المتعمد للمدنیین أمر غیر مبرر.
وهذا على الرغم من أن الأعمال العدوانیة التی یقوم بها الکیان الصهیونی استمرت فی انتهاک صارخ للقوانین الإنسانیة الدولیة ودون الالتفات إلى المبادئ العرفیة المتمثلة فی "الضرورة" و"التناسب" و"الفصل" و"الاحتیاط".
4- عدم وجود نص حول الدفاع المشروع فیما یتعلق بالهجمات على غزة
إن الکیان الصهیونی وداعمیه یشیرون بشکل غیر مقبول إلى مبدأ الدفاع المشروع بموجب المادة 51 من میثاق الأمم المتحدة فی تبریر الجرائم المرتکبة والأعمال غیر القانونیة فی غزة. وذلک على الرغم من أن محکمة العدل الدولیة اعتبرت الإشارة إلى هذا المبدأ غیر مبررة فیما یتعلق بالأراضی الفلسطینیة المحتلة.
ومن جهة أخرى، فقد عزز حق تقریر المصیر قاعدة عدم اللجوء إلى القوة. وبعبارة أخرى، فإن الشعوب الخاضعة للاحتلال الأجنبی، رغم تمتعها بالحق فی تقریر المصیر، یمکنها الدفاع عن نفسها ضد الاحتلال الأجنبی.
وبناء على ذلک، یمکن الاعتراف بأن ممارسات الصهیونی، بالإضافة إلى انتهاک الفقرة 2 من المادة 4 من میثاق الأمم المتحدة، تنتهک حق الشعب الفلسطینی فی تقریر المصیر.
5- ارتکاب جرائم حرب فی الأراضی المحتلة
تشیر الإحصائیات الرسمیة إلى أن أکثر من 11 ألف شخص استشهدوا فی غزة خلال الأسابیع الخمسة الماضیة منذ بدء الهجمات، معظمهم من الأطفال والنساء. وخرجت معظم المستشفیات والمراکز الصحیة عن الخدمة نتیجة هجمات الکیان الصهیونی أو نقص الوقود. وفی 17 أکتوبر 2023، أدى الهجوم على المستشفى الأهلی إلى مقتل المئات من الأشخاص. إن عدد عمال الإغاثة التابعین للأمم المتحدة الذین قتلوا خلال هذه الفترة لا یقارن بأی فترة أخرى فی تاریخ الأمم المتحدة. ومن الجدیر بالذکر أن سلطات الکیان الصهیونی أعلنت بوضوح أن "الترکیز ینصب على الضرر ولیس على دقة الهجمات".
بالإضافة إلى ذلک، قام الکیان الصهیونی بقطع وصول المیاه والغذاء والکهرباء والوقود والإمدادات الطبیة إلى غزة ولا یسمح بتقدیم المساعدات للناس العادیین. تعتبر مثل هذه الأفعال بمثابة عقاب جماعی وتتعارض مع مبادئ وقواعد القانون الدولی.
وتحظر المادة 54 من البروتوکول الأول الملحق لاتفاقیات جنیف الرباعیة استخدام الغذاء کسلاح. کما أن القواعد العرفیة للقانون الإنسانی الدولی تحظر صراحة اعاقة ارسال المواد الإنسانیة إلى السکان المدنیین. ولا شک أن مثل هذه الأعمال تعتبر جریمة حرب.
إن استهداف المدنیین والممتلکات والأماکن المدنیة وفرق الإغاثة وجمیع الأعمال الإجرامیة التی یقوم بها الکیان الصهیونی فی الأراضی المحتلة، وهی بعض منها فقط ذکر آنفا، کلها جزء بسیط من جرائم الحرب المذکورة فی المواد 50، 51، 130. و147 لاتفاقیات جنیف الأربع والمادتان 11 و85 من البروتوکول الإضافی الأول.
6- الجرائم ضد الإنسانیة
لقد أجبر الکیان الصهیونی السکان المدنیین على النزوح فی غزة ولدیه خطط لتهجیرهم قسرا. وتحظر المادة 49 من اتفاقیة جنیف الرابعة والمادة 17 من بروتوکولها الإضافی الثانی بشکل مطلق مثل هذه الأعمال. ویعتبر هذا العمل الإجرامی، الذی یُرتکب على نطاق واسع وبشکل منهجی ضد السکان المدنیین فی فلسطین، جریمة ضد الإنسانیة. ومن الجدیر بالذکر أن المواطنین العادیین الذین لا یمتثلون لمطلب الکیان الصهیونی بالتهجیر القسری ما زالوا یتلقون الدعم الدولی ولا یفقدون وضعهم المدنی.
7- جریمة الإبادة الجماعیة
لقد تسببت هجمات الکیان الصهیونی فی معاناة کبیرة للناس العادیین، وأدى استمرارها إلى تدمیر جزء على الأقل من سکان غزة. ووفقا لاتفاقیة منع الإبادة الجماعیة والمعاقبة علیها، فإن مثل هذه الهجمات هی عمل متعمد للقضاء على مجموعة من الأشخاص، وهو ما یعتبر إبادة جماعیة.
ومن الجدیر بالذکر أن سلطات الکیان الصهیونی أطلقت على سکان غزة لقب "الحیوانات" بطریقة بغیضة وأعلنت أن هدفها "القضاء على کل شیء" وخلق ظروف مشابهة لـ"الجحیم". وتظهر مثل هذه التصریحات الصادرة عن سلطات الکیان الصهیونی نیتها المحددة لارتکاب جریمة الإبادة الجماعیة.
8- عدم شرعیة التهدید النووی
هددت سلطات الکیان الصهیونی باستخدام الأسلحة النوویة ضد سکان غزة. تعتبر النظریة الاستشاریة لمحکمة العدل الدولیة أن التهدید باستخدام الأسلحة النوویة غیر شرعی بشکل عام وضد إرادة المجتمع الدولی، وهو ما ینعکس فی العدید من قرارات الجمعیة العامة للأمم المتحدة. إن مثل هذا التهدید من جانب الکیان الصهیونی، الذی یشن هجمات عدوانیة واسعة النطاق على غزة ولا ینطبق مفهوم الدفاع المشروع على أفعاله، هو بالتأکید غیر قانونی ومدان بشکل مضاعف.
وبالإضافة إلى ذلک، فإن تهدید کبار المسؤولین فی الکیان الصهیونی یثبت أن الکیان یمتلک أسلحة نوویة، وهو ما یتعارض مع کافة مبادئ وقواعد الانتشار.
9- إمکانیة الملاحقة الدولیة للجرائم أمام المحاکم الدولیة
یمکن البت بالجرائم الدولیة فی محکمة العدل الدولیة والمحکمة الجنائیة الدولیة. محکمة العدل الدولیة هی الجهة المختصة بالنظر فی جریمة الإبادة الجماعیة والجرائم المنصوص علیها فی المادة 3 من اتفاقیة حظر ومعاقبة الإبادة الجماعیة. ومن جهة أخرى، ونظرا لعضویة الحکومة الفلسطینیة فی النظام الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة، فإن المحکمة المذکورة لها صلاحیة التحقیق فی الجرائم الدولیة التی ترتکبها سلطات وقوات الکیان الصهیونی فی الأراضی المحتلة. ویعتبر المدعی العام للمحکمة الجنائیة الدولیة الجرائم التی ارتکبها الکیان الصهیونی خلال الأزمة الحالیة من اختصاص المحکمة.
وزارة خارجیة الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة
14 نوفمبر 2023