ألقى وزیر الخارجیة الدکتور حسین امیر عبداللهیان، کلمة فی الاجتماع الثالث لوزراء خارجیة دول جوار أفغانستان فی مدینة تون شی بالصین. وفی ما یلی نص الکلمة: بسم الله الرحمن الرحیم السید وانغ یی، وزیر خارجیة جمهوریة الصین الشعبیة؛ أصحاب المعالی وزراء الخارجیة،أتقدم بالشکر لحکومة جمهوریة الصین الشعبیة على استضافة هذا الاجتماع فی مدینة تون شی الجمیلة.الزملاء الاعزاء،نشهد الیوم فی أفغانستان تحدیات مختلفة.الأمل فی نهایة الحرب التی شغلت مختلف الأجیال فی هذا البلاد منذ 40 عاما وألحقت أضرارا جسیمة بالموارد البشریة والمادیة لأفغانستان.الأمل فی رغبة جمیع الأفغان فی إحلال السلام والاستقرار فی البلاد والمعارضة الجادة للحرب والبحث عن حل للنزاعات بالطرق السلمیة.الأمل فی التضامن الإقلیمی، وخاصة بین الجیران فی مساعدة أفغانستانالأمل بعدم نسیان مشاکل ومصاعب الشعب الأفغانی فی المجتمع الدولیلا یزال هناک خشیة من أنشطة مختلف الجماعات الإرهابیة مثل داعش على الأراضی الأفغانیة ضد أمن الجیران والمجتمع الدولی.لا یزال هناک خشیة من الحرب الناجمة عن تدخل المحتلین ضد الشعب المضطهد فی هذه الأرض.لا تزال الموارد الاقتصادیة للشعب الأفغانی لیست تحت تصرفه والثروات الوطنیة لأفغانستان محتجزة. لم یتحرک اقتصاد البلاد ویعیش معظم سکان البلاد فی وضع صعب.إن أهم وعد سیاسی لتشکیل حکومة شاملة بمشارکة جمیع القومیات لم یتحقق بعد.تجربة التعامل طویل الأمد لدول المنطقة مع الشعب والفئات السیاسیة فی أفغانستان تظهر أن الاهتمام بالواقع الاجتماعی ضرورة لا یمکن إنکارها فی المجال السیاسی لذلک البلد، وتجاهلها کان أکبر سبب للصراع وأیضا أهم عقبة فی الاستمراریة السیاسیة للنظام السیاسی الأفغانی وهیاکله فی السابق. أصبحت الحاجة الیوم إلى تشکیل حکومة شاملة بمشارکة فعالة ومستدامة لجمیع القومیات فی أفغانستان حقیقة لا یمکن إنکارها. نتوقع من الهیئة الحاکمة اتخاذ المزید من الخطوات العملیة فی هذا الاتجاه. الزملاء الاعزاء ! یمکن إرجاع جذور مشاکل أفغانستان إلى الاحتلال الطویل لهذا البلد والسیاسات الخاطئة للمحتلین وأمریکا. لم یساعد الاحتلال الطویل لأفغانستان فی تنمیتها فحسب، بل خلق نوعا من التبعیة التی تسببت فی انهیار الهیاکل السیاسیة والاقتصادیة مع انسحاب المحتلین وکالعادة یکون الشعب الأفغانی المظلوم أکبر الخاسرین والضحیة لهذا الوضع. للأسف، یستمر هذا النهج غیر البناء.النتیجة الأولى والأکثر أهمیة لهذا النهج ظهور الحالة الإنسانیة الألیمة فی أفغانستان. تظهر تقاریر الأمم المتحدة أن أکثر من نصف الشعب الأفغانی، بما فی ذلک النساء والأطفال، بحاجة إلى المساعدة وعاجزین عن تلبیة احتیاجاتهم الأساسیة، هناک ضرورة أن تقوم جمیع الدول، وخاصة الدول المجاورة، بمساعدة الشعب الأفغانی بأی طریقة ممکنة.وفی هذا الصدد، أرسلت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة أکثر من 30 شحنة من المساعدات الإنسانیة إلى أفغانستان فی الأشهر الماضیة ووزعتها على أفراد الشعب؛ وواصلت تصدیر السلع الأساسیة إلى أفغانستان، وأبقت طرقها مفتوحة أمام شحنات الترانزیت، واستضافت مئات الآلاف من الأفغان المشردین، وأعلنت استعدادها للتعاون مع الدول الأخرى المهتمة بمساعدة أفغانستان. ثانیا، یجب على جمیع الدول العمل على تحریر أصول أفغانستان بطریقة تساعد على تحسین الوضع الإنسانی فی هذا البلد.القضیة الثالثة هی التجنید من قبل المتطرفین والإرهابیین. لم یترک نمو الأنشطة الإرهابیة لداعش فی أفغانستان أی شک فی أننا بحاجة إلى عمل جماعی من قبل دول المنطقة لمکافحة الإرهاب. خطر الإرهاب وانتشاره فی أفغانستان کبیر وهناک بصمات لأمریکا فی ذلک. طبعا أمریکا الیوم لا تتحدث عن المشارکة فی إعادة إعمار أفغانستان بینما احتلت هذا البلد 20 عاما ولم تتخذ أی إجراء لمساعدة الشعب. أقترح إنشاء آلیة أمنیة محددة فی إطار المنظمات الموجودة أو منظمة مستقلة لتنسیق سیاسات مکافحة الإرهاب فی البلدان المجاورة لأفغانستان لتسهیل وإدارة العمل الجماعی للدول وتبادل المعلومات فی هذا الصدد.القضیة الرابعة هی تدفق اللاجئین الذین یحاولون مغادرة أفغانستان. فی الأشهر التی سبقت سقوط الحکومة الأفغانیة، کانت الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة واجهت موجة جدیدة من النزوح البشری، وهو اتجاه اشتد فی الأشهر الأخیرة وبلغ حدود ملیون شخصاً.تشیر التقدیرات الآن إلى أننا نستضیف حوالی خمسة ملایین مواطن أفغانی فی إیران، الأمر الذی فرض تکالیف باهظة على اقتصاد بلادنا.
تستضیف الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، بصفتها جارة جیدة، إخوانها وأخواتها الأفغان لأکثر من أربعة عقود وبذلت قصارى جهدها لتحسین أوضاع مواطنی ذلک البلد فی إیران أو أفغانستان، لکن الظروف الصعبة المفروضة على الاقتصاد الإیرانی الناجمة عن العقوبات الأمریکیة غیر القانونیة جعلت من الصعب تخصیص موارد جدیدة للاجئین. لذلک، من الضروری أن تولی المنظمات الدولیة المسؤولة والدول المهتمة بمساعدة الشعب الأفغانی اهتماما خاصا بالاوضاع المعیشیة الخاصة للاجئین الأفغان فی إیران. الأصدقاء الأعزاء! لتحقیق الأمن والاستقرار فی أفغانستان، یجب على المجتمع الدولی، وخاصة نحن جیران أفغانستان، العمل معا بشکل أکبر وتوسیع مساعدتنا للشعب الأفغانی. یجب أن نعمل على تعزیز الخطاب السیاسی فی المجتمع الأفغانی حتى تتفهم الهیئة الحاکمة لأفغانستان ومختلف القومیات والجماعات السیاسیة والاجتماعیة بعضها البعض بشکل أفضل وأن تشارک فی حکم البلاد.بالإضافة إلى مساعدة أفغانستان على الخروج من الوضع الحالی، یمکن للرسالة الموحدة والعمل المتسق من دول جوار أفغانستان أن یلعب دورا مهما وبناء فی تشکیل نظام أمن إقلیمی. أصحاب المعالی، یجب علینا جمیعا أن نعمل لضمان ألا تتحول أفغانستان مرة أخرى إلى مسرح للصراع السیاسی والعسکری. مما لا شک فیه أن شعب أفغانستان والدول المجاورة سیکون أول ضحایا العواقب المدمرة لمثل هذا الوضع.من الضروری للدول المجاورة لأفغانستان والدول الصدیقة أن تحدد الآلیات اللازمة للتعاون مع بعضها البعض فی إعادة إعمار أفغانستان وتنمیتها وتوسیع التعاون فیما بینها.من الضروری إیجاد آلیة إقلیمیة وإنشاء صندوق مالی لدعم الشعب الأفغانی بالتوازی مع تشکیل حکومة وطنیة شاملة. إن تحقیق أفغانستان آمنة ومستقرة ومتطورة هی أمنیتنا لجمیع إخواننا وأخواتنا الأفغان وشعوب المنطقة.أتقدم مرة أخرى بخالص الشکر للحکومة الصینیة على حسن الضیافة وإدارة الزمیل العزیز السید وانغ یی. شکرا لکم